القائمة الرئيسية

الصفحات



قال تعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} (سورة النور 62)

فكثيراً ما يشار للمسجد أنه جامع فلماذا؟

سجد

المسجد من سجد، وهي كلمة لها معنى مطلق ومعاني محدودة

أما المطلق

السين: سنن الله التي فطر الأشياء عليها.

الجيم: الجامع لمكونات هذه السنن في اكتمال جلال ظهورها.

فسجود الشمس مكونات طلوعها وصولاً لغروبها بالنسبة للأرض التي هي الأخرى لها دورة وسنة ساجدة لها وهي في مكوناتها سنة الشروق والغروب اجتمعت سنن مكوناتها السجود لأمر الله فيهم.

وكذلك الزرع ساجد لله في نموه، ولكن مكوناته من ارض وبذرة وماء وشمس وهواء وأملاح إلخ ساجدين هم الآخرين ففي جلال تكوينهم وسجودهم مجتمعين يتجلى بالجسم في ظهور الزرع ونموه.

الدال: فهو القصد والنية من السنن باجتماعها ودليل وبرهان هذه السنن الإلهية واجتماعها.

إذن السنة الإلهية ناتج سنن مجتمعة تجليها في عالمنا لها قصد إلهي وحكمة ولها دلائل وبراهين، فتصير سجد.

مسجد

أما الميم عندما توضع قبل السين في عالمنا الدنيوي تصير الإشارة هنا إلى مسجد.

 فالميم هي جمع هؤلاء الساجدين في قالب مادي يجمعهم ويضمهم ويتداخلوا فيه فيصير سجود مكونات الزرع في مسجد هو الأرض.

فالمحيط المادي الذي يجمع سنن جلت بقصد ودليل وبرهان يصير مسجد، فصار في المعنى المحدود موضع تنفيذ سنة الله في الصلاة وتجمع المسلمين فيه السجود لهذه السنة الإلهية التي سنها عليهم، فيطلق عليه مسجد ولكن في الحقيقة كل ما في الكون وكل الكون مسجد.

قال تعالى:

{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (سورة الأَعراف 31 - 32)

فكل ما على الأرض زينة في مساجد والابتلاء بأن لا تخرجها عن سنتها التي سنها الله لها ولا يتم تخريبها، قال تعالى:

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (سورة الكهف 7)

الجامع

أما الجامع من لفظ جمع، وإذا تناولناه من وجهة السجود فهو يعبر عن جزء من مراحل السجود وهو حرف الجيم في السجود بشرط أن تكون صفته جامع.

فجمع مكونات الزرع واصطفاف عناصره من بذرة وأرض وماء وأملاح... الخ بكامل العناصر مكتملة وتامة ومتآلفة ومضبوطة في قالب مسجد واحد من خلال حرف الألف فهي مجتمعة ومجموعة وموصولة بعضها البعض ومتداخلة مع بعضها البعض من خلال حرف الميم فيأتي هنا دور حرف العين وهو الوصول للعمق المطلوب من السجود فيكشف سجود هذا الجمع من العناصر عن الزرع وهو القصد من السجود.

فحتى بالمعنى المحدود في مسجد يصلي فيه الناس تكون الجيم جامع وليس مجرد أداء حركي وسجود ظاهري عندما يجتمعوا بظاهر جسدهم وباطن نفوسهم وبينهم تآلف وتراحم وضبط أمورهم وأحوالهم فيتداخلوا في أمور بعضهم البعض لمعاونة بعضهم البعض ليكتشفوا عن بعضهم البعض معاناتهم ويفرجوا الكرب والحزن والفقر... الخ، فيصير نتاج سجودهم في المسجد جامع بينهم وكاشف عنهم ما قد يصيبهم هنا يصير المسجد جامع بالنسبة لهم.


تعليقات