جاء قرار إنشاء الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في مصر على رأس الأولويات المطلوبة لتنفيذ معايير الاعتماد للمنشآت الصحية في مصر، ومراقبة ومتابعة تنفيذ هذه المعايير بما يخدم المرضى والمنتفعين بالخدمة الصحية، وكخطوة أساسية نحو تنفيذ الرعاية الصحية الشاملة في مصر.
فمن أجل تحسين خدمات الرعاية الصحية كان الهدف العام هو توحيد تطوير معايير اعتماد المنشآت الصحية لتقديم خدمة صحية، وعلى أعلى كفاءة، وكنتيجة لجهود التعاون بين ممثلين من مختلف القطاعات الصحية في مصر، بما في ذلك وزارة الصحة والسكان والقطاع الخاص وأساتذة الجامعات والنقابات المهنية، حيث يتم التركيز من خلال هذه المعايير على المريض وعلى المنشأة الصحية.
ماهية الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية؟
الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية هي هيئة مستقلة أُنشئت بموجب القانون رقم 2 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية، فهي هيئة منوطة بإصدار المعايير التي من شأنها أن تضمن تقديم خدمات صحية بجميع المنشآت الصحية المختلفة على أن تكون تلك الخدمات الصحية ذات جودة عالية، وطبقًا لمعايير الجودة ومن أجل سلامة المريض.
وتلك المعايير تم إعدادها بواسطة خبراء مجال الرعاية الصحية، وقد راعت هيئة الاعتماد والرقابة الصحية أن تكون تلك المعايير متواكبة مع آخر المستجدات العالمية، وفي ضوء الأهداف الاستراتيجية للدولة (رؤية ٢٠٣٠) والخاصة بالشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية من خلال تطبيق نظام رقابي واضح يضمن الشفافية والعدالة لضمان جودة وسلامة الرعاية الصحية.
هل هناك أدوار أخرى لهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في مصر؟
لا يقتصر دورها على تقييم المنشآت الصحية فقط، بل يمتد هذا الدور إلى تقديم خبراتها ومساعدتها للمنشآت الصحية لتطوير أدائها، وكذلك تقليل عوامل الخطورة بها باستخدام منهج علمي واضح في إدارة المخاطر وكذلك اكتشافها قبل وقوعها والعمل على عدم تكرار وقوعها. ومن أجل تحقيق ذلك تقدم الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية برامج تهيئة متكاملة للارتقاء بأداء العاملين بالمنشآت الصحية والمنظومة ككل عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وتدريبهم على المنهج العلمي في قياس ومتابعة الأداء.
ما المنظور الذي تعتمد عليه الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في مصر؟
تتبنى الهيئة في اعتمادها للمنشآت الصحية منظور ثلاثي كحد أدنى لاعتمادها وهم كالتالي:
- شروط وأحكام الاعتماد.
- التمحور حول المريض وتبني نموذج بيكر للرعاية التي يركز على المريض لضمان استجابة المنشآت الصحية لاحتياجات المرضى.
- التنظيم المتمركز على المعايير، وتسليط الضوء على العديد من الجوانب المطلوبة لملاءمة مكان العمل لتوفير بيئة آمنة ورعاية صحية فعالة وتبني مفاهيم صحية صحيحة.
وقد تم تصميم هذه المعايير بعناية لتوجيه الوضع الحالي للرعاية الصحية للشعب المصري في اتجاه رؤية مصر 2030، فقد تم مقارنتها بدقة مع المعايير الدولية وتبين أنها تلبي أهدافها الأساسية التي تنطبق على القوانين المصرية، واللوائح والثقافة المصرية. ومن المتوقع أن تكون تلك المعايير حافزًا للتطبيق والتغيير والتحسين في كلًا من ثقافة وممارسة للرعاية الصحية في مصر.
هل الهيئة تسعى لتحقيق التميز بجميع الخدمات الصحية والنظم المساعدة؟
رسالة الهيئة تعكس بوضوح ما جاءت من أجله وهو ضمان جوده الخدمة الصحية والتحسين المستمر لها وتأكيد الثقة في جودة مخرجات الخدمة الصحية على كافة مستويات المنشآت الصحية داخل جمهورية مصر العربية، وضبط وتنظيم هذه الخدمات الصحية وفقًا لمعايير محددة للجودة والاعتماد. وكذلك تنظيم القطاع الصحي المصري بشكل عام بما يضمن سلامته واستقراره وتنميته وتحسين جودة العمل وضمان توازن حقوق المتعاملين فيه والمنتفعين به، وذلك من خلال التسجيل والاعتماد والرقابة على المنشآت الطبية وكذلك أعضاء المهن الطبية.
ما هي التحديات التي تواجهها الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في مصر؟
واجهت الهيئة مجموعة من التغيرات التي تشكل تحديًا غير مسبوق أمام الهيئة، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
- تباين كفاءة وقدرة البنية التحتية للمنشآت الصحية، مما يشكل تحديًا أساسيًا في عدم قدرة تلك المنشآت الصحية على الالتزام بمتطلبات الترخيص بالمنشآت الصحية أو عدم تطبيق المعايير على جميع أقسام المنشأة الصحية، وعدم وجود نظام من شأنه ضمان إعادة التأكد من متطلبات الترخيص للمنشآت الصحية.
- عدم ثقة المجتمع في الخدمة الصحية المقدمة من بعض المنشآت الصحية نظرًا لتفاوت الإمكانيات والقدرات والكفاءة.
- عدم الالتزام بشكل كامل بالقوانين والنظم واللوائح ذات العلاقة بالقطاع الصحي. وعدم وجود برامج اعتماد تغطي جميع كل أنواع المنشآت الصحية بمصر.
- عدم وجود نظام أساسي لتحديد الاحتياجات الحقيقية للتكنولوجيا الطبية بما يضمن استمرار الكفاءة وإمكانية الوصول إليها وعدالة التوزيع لهذه التكنولوجيا.
- ضعف ثقافة الصيانة الوقائية للبنية التحتية والتجهيزات لتلك المنشآت.
- نقص الوعي الصحي والوعي المعلوماتي والمعرفي المجتمعي.
- ضعف التواصل الفعال والتنسيق الآني والمستمر بين الجهات الصحية المختلفة التي تعمل بالقطاع الصحي في مصر مثل: (الوحدات الصحية / المراكز الصحية / المستشفيات/ الهيئات الطبية / القطاع الخاص الصحي... إلخ).
- التناقص المستمر في الكوادر البشرية من العاملين بالمجال الصحي خاصةً الأطباء والتمريض.
- ضعف المستوى التدريبي للكوادر البشرية بالمجال الصحي وعدم ربط البرامج التدريبية باحتياجات سوق العمل المصري.
الخاتمة:
رغم هذه التحديات فإن الهيئة منذ إنشائها عكفت على تحديد الخطة الاستراتيجية وغاياتها وأساليب تحقيق هذه الغايات، ووضع عناصر إنجاح الخطة الاستراتيجية للهيئة من خلال نظام للمتابعة والتنفيذ للخطة وتقويمها باستمرار، مع تزامن تحليل البيئة الداخلية والخارجية من حيث نقاط القوة والضعف ومن ثم تحليل الفجوة وتحديد الاحتياجات لسد هذه الفجوة.
ومشاركةً منا كمجتمع مدني وجب علينا المساهمة لتحقيق التواصل الفعال بين الهيئة والمجتمع ونشر الثقافة بأهداف وغايات الهيئة، سوف نقدم مجموعة من المقالات التعريفية بهذه الغايات وعناصر إنجاحها وأنظمة المتابعة والتقويم وتحليل الفجوة والاحتياجات اللازمة بشأنها، فإلى اللقاء بالجزء الثاني.
تعليقات
إرسال تعليق