ما هو رَقِيبٌ عَتِيدٌ ؟!!!
ليس
هناك كلمة بالقرءان الكريم معناها المقابل كلمة .. وإنما كل كلمة قرءانية تتكلم عن
صورة ووصف وخصائص ومراحل .. فـ (وجد ونظر ورأي ولمح وشاهد وبصر) كلها في لغتنا
تبدو بمعنى واحد (وقذف ورمى) كذلك بل ومن
نفس الجذر (مددناها ومدت) .. كل هذه الكلمات ليست ذات المعنى ولا مجال حركتها ولا
خصائصها واحدة فجميعهم لهم معاني وخصائص ومجال خاص لا ترادف فيها بكلمة واحدة
لوصفها
قال تعالى :
{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا
لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) } (سورة ق 18)
هنا ليس ما قد يتبادر للذهن أن رَقِيبٌ
عَتِيدٌ عائدة على من يكتب أعمالنا .. ولكن هي عائدةً على القول ذاته فكل قول رَقِيبٌ
عَتِيدٌ
والآن تعالوا لنرى معنى الكلمات من
خلال خصائص الحروف وماذا سوف تكشف لنا
رقيب .. مصدرها .. رقب ..
رَقِيبٌ : (رَ) ربط كل أمور وأحوال القول وكل ما يشمله
من تفاصيل وأطراف وما يتحكم به وما يرسل بين أطرافه أي بكل نتائجه حتى لو كان أثرها
غير مادي فيحفظها بمجرد خروجه منه .. (قِ) فتندمج في قالب الحفظ والنسخ
لأفعالنا الدنيوية فيكون نتاج الاندماج مختلف عن أصليهما (فالقول المحفوظ قالبه
مختلف عن أصل القول وكتاب الحفظ فهو كتاب مرقوم) فلا يبقى لأصل القول أثر (فينتهي
الحدث الدنيوي ويبقى ما حُفظ) كرقيب لا ينتهي عمله عند هذا الحد .. (ي) فيحفظ كل ما خرج من مصدر الشخص بكتابه
ويرصد كل التغيرات الناشئة عن القول فهو الرقيب الأنشط والأعجب والأغرب والأكثر تأثيراً
فيرصد كل قول ونتائجه ليحل محله بالكتاب
فهي النسبة من القول الأكثر وضوحاً والأشمل رغم أنه الأصغر من حيث حجم التخزين
والأكبر شمولاً وأوضح (أي ما يتم إختزانه بهذا الكتاب الحجم المخصص للقول فيه
وقالبه أصغر في حين أنه يحوي كل التفاصيل للقول ظاهره وباطنة وتأثيره على في محيطه
ونشاطه في عالم الدنيا بكل أطرافها حتى قيام الساعة فيرصد آثارها .. ولله المثل الأعلى .. كما نخزن ألاف الجيجا
من البيانات والفيديوهات في هارد ديسك صغير بحجم كف اليد) .. (بٌ) هذا القول حين يبدو ويظهر يخرج منه
وعليه ليس التفاصيل الظاهرة التي نراها في حياتنا الدنيا فقط وإنما بكل تفاصيله
وكل خصائصه الظاهرة والباطنة التي لا نعلمها فهي تحمل باطن النوايا والتأثيرات
الباطنة للقول .. هذا القول حيت يظهر يكون نقي غير مُختلط بأقوال أخرى
(والقول يشمل الفعل واللفظ
والإيماءة وكل قالب يفعله الإنسان أياً كان)
عتيد .. كلمة المصدر عتد
عَتِيدٌ : (عَ) هذا الرقيب صفته أنه عتيد .. حيث
أنه يصل بربطه وتحكمه في رصد القول وأطرافه إلى أعماق خفية من تأثير القول لا يمكن
إدراكها في ظاهر القول فيصل لباطن التغيير
كاشفاً له (تِي) وبما طرأ على من تفاعل وتتالي وتتابع
هذا التفاعل والتفعيل بكل ظاهره وتتابعه وما يتصل به من أقوال تتفاعل مع القول
السابق .. فما يحمله الرقيب هو الأعمق
والأعظم والأعجب والأعقد في تمييزه وإعرابه لكل تفاصيل وأعماق القول وما يرتبط به
من أقوال أخرى .. فيه القول تام ومتمم لما قبله بخير وإتقان ففيه تفاعل وتتاخم بين
تفاصيل أعماق القول ومكملات القول من أقوال ثانوية وتأثيرهم (دٌ) راصداً كل نشاط وحركة وقصد بظاهره
وباطنه بالدليل والبرهان الكامل فيكون
(فلكل قول تتابع من أقوال أخرى سواء
كآثار للقول أو أقوال من ذات الشخص كمتممات لهذا القول .. فصفة الرقيب كعتيد ..
فيكشف عن باطن وظاهر القول وآثاره ومتمماته وتفاعلهم وآثارهم بالدليل والبرهان
والقصد والنية .. الخ
---------------
أي أن القول لا يتم اختزانه وظهوره
يوم العرض ليس كما نظن مجرد ظهور سينمائي لظاهر الحياة الدنيا وإنما العرض يشمل
أعماق خفية وتفاصيل معقدة لا تبلغها العين الدنيوية أو الإدراك الدنيوي .. بل تظهر
تأثيرها ونشاطها الدنيوي سواء كان ناتجها إتقان العمل الدنيوي أو ما ينتج عنها من
إهلاك وإفساد وتلف وشجرة سريانها ونموها في الدنيا بكل تأثيراتها أي آثارها
بالظاهر والباطن والدليل والبرهان والنية والقصد .. كل هذا وأكثر فلكل قول رَقِيبٌ عَتِيدٌ
قال تعالى :
{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى
وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ
مُبِينٍ (12) } (سورة يس 12)
تعليقات
إرسال تعليق