القائمة الرئيسية

الصفحات




حقيقة الْجُودِيِّ
قال تعالى :
{ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) } (سورة هود 44 - 45)

مصدر كلمة جودي .. جود .. ومشتقاتها في القرءان الكريم .. الجياد ..  والجودي .. وجيدها ..

والجِيد .. هو جامع لمكونات متفرقة خارجاً منها أحد هذا التكوين .. مثل مسار وضع فتيل الشمعة التي تنفذ من جيد تلك الشمعة خارجاً جزء منها من هذا الجيد ..

أما الْجُودِيِّ .. فهي ما قُص أو قطعة أو جانب من يابسة ابتعدت عنها بذاتها وكتبتها فبقت متجمعة كجسم واحد غير مختلطة بما يحيط بها من ماء جامعة لمكوناتها موصولة تلك المكونات ببعضها البعض حيث ظاهرها موصول بباطنها أي أن الجزء الطافي منها على الماء موصول بالجزء المغمور تحت الماء .. تلك القطعة من اليابسة لها حركة بقوانين إلهية خالفت حالة السكون السابقة وتلك الحركة نتيجة تداخل السفينة بتلك القطعة من اليابسة فأصبحت تحمل صفة حركة سفينة نوح .. تلك القطعة من اليابسة بخروجها من أصلها كشق من الأصل يسمح من خلاله أن تطفو بعيداً عن أصلها الذي فارقته فأصبحت بانفصالها عن مصدرها أكثر نشاط في الحركة نتيجة هذا الانفصال فكانت الأوضح بالنسبة لباقي اليابسة أي أنها طفت بفعل انفصالها  ولم تكن طافية في الأصل فخرجت من مصدرها دون عودة فهي الأعجب والأغرب في رحلة السفينة

فكون السفينة استوت على الجودي (فسخر الله لها قطعة من اليابسة منفصلة متحركة على المياه ) أصبحت السفينة متحكمة بها فهي عليها ولم تستوي إليها أي أنها متحكمة بهذه القطعة من اليابسة
فاستوت من خلال تأليف وضبط مستمر بين السفينة والجودي وضبطهما ضبط تام فأصبحا كأنهما شيئاً واحداً فتموضعت السفينة بمركز وعمق الجودي وتمكنت من خلالها الانتقال من موضع إلى آخر من خلال هذا الجودي.. فكانا متتامان في الوظيفة والمشاركة فكأنهما سفينة واحدة  فجمع بينهما ووصل بين هذان الضدين بين بيئتين مختلفين (السفينة بمادتها وقطعة من اليابسة المنفصلة عن الأرض ذات المواد الطينية والصخرية) فتتوسط السفينة ما لا رابط بينهما هذا الجودي فأتمت أمورها وأمور من فيها بخير وإتقان

فالجودي هنا اسم يحمل صفة وخصائص هذه اليابسة كونها جامعة لمكونات مواد مختلفة وصلت بينها وبين السفينة وأصبحت حركتهما بدليل وبرهان وتسخير إلهي .. خارجة عن مصدرها التي كانت منتمية إليه سواء كانت جزء من جبل أو أي شيء آخر
وهذا المعنى الذي استقيناها من معاني الحروف يفتح أفاقاً أكثر اتساقاً مع قوانين الله في الأرض من حيث أن إقلاع السماء عن المطر وأن يغيض الماء بتخلل في  شقوق الأرض  لا ينفي أن هذا الحال الجديدة يحتاج لفترة زمنية لاكتمال ظهور اليابسة وجفافها .. وأن هذا الجسد البشري والحيوانات وحتى الطيور تحتاج ليابسة يرسى إليها بل أن ما بالسفينة من احتياجاتهم من الغذاء وأدوات الطاقة مهما كان ما بها من مخزون لا يمكن أن تفي بفترة طويلة من بداية غرق تلك المساحات الشاسعة إلى حين جفافها  ولو عدت للآيات أيضاً سوف تجد انه رغم أن السفينة استوت على الجودي إلا أن هناك استمرار لدعاء نوح لنجاة ابنه .. فكيف .. إذا كانت هناك فترة زمنية بين الطوفان واستواء السفينة يستحيل مع هذه الفترة أن ينجو .. إلا إذا لم يكن هناك فترة زمنية بينهما .. وإنما مفهومنا المتوارث عن الجودي هو الخاطئ

تعليقات