تلكما الشجرة
ـــــــــــــــ
قال تعالى:
﴿وَقُلۡنَا یَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَیۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [البقرة ٣٥]
التكهن بنوع الشجرة والإنجراف في هذا الإتجاه كان ما يجب أن يحدث لسببين
الأول: لو كان ذو أهمية كان تحديد النوع جاء بنص القرءان وحسم الجدل
الثاني: طالما لم يتم ذكر النوع في القرءان كان بالطبع لحكمة ما وبالتالي لن نعرف تلك الشجرة
وبالطبع ايضا لو تم ذكر النوع وكان متشابهاً مع نوع في الدنيا لقاموا بتحريمها أو كراهيتها رغم انها في هذه الحالة سوف تصبح اكثر شجرة متناسبة مع طبيعة الجسد الحالية
وبغض النظر عن هذا ففي كل الأحوال فلن نعرف نوعها فلا يجب أن نغوص في هذا
وكونهم أكلا من الجنة
فالأكل عموماً:
يكون بما يضبط ويتآلف ويتوافق مع طبيعة التكوين وإعطاءه قوة التنقل من مكان لمكان
والرغد.. الارتباط والتحكم والسيطرة والغلبة والغنى بقوانين إلهية تقود إلى ذلك الرغد
فأنت في رحلة حياتك لا تستغنى عن الأكل المتوافق مع طبيعة جسدك وبالتالي أنت لا يمكن أن تأكل الخشب او الحديد او الأسمنت فهو غير متآلف مع الطبيعة الجسدية وغير نافعاً لها.. بل بعض الأطعمة يمكن ان تتسبب في حساسية للجسد بسبب عدم توافقها مع طبيعة جسد بعينه
وبالتالي كل ما بهذه الجنة كان متآلف ومتوافق مع الطبيعة الأولى لآدم وزوجه حتى أكلا من تلكما الشجرة.. أي تفاعلا مع هذه الشجرة وانتقلت وتداخلت في تكوينهم..
قال تعالى
﴿فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِیُبۡدِیَ لَهُمَا مَا وُۥرِیَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَ ٰ تِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَا مَلَكَیۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَـٰلِدِینَ﴾ [الأعراف ٢٠]
إذن القضية كلها تكمن فيما ورى عنهما من سوءاتهما..
والسوءة ببساطة مقياس مادي دنيوي يوضع في مركزه النفس وتتواصل مع عالمه من خلاله ويضبط أمورها ويتمها ويتكاملا ويتشاركا الوظيفة الدنيوية إلا انه بالسالب أي أنه ينتقص مقاييسه المادية شيئاً فشيئاً
فالسوءة ليست الأعضاء الجنسية ولكن تلك الأعضاء جزء منها وبالتالي الطبيعة الجسدية التي نحن عليها بكاملها كانت متوارية وبدت حين أكلا من الشجرة لأن طبيعة الشجرة التي أكلا منها حين تداخلت في جسدهم إنتقصت منه هذا الذي كان يواري تلك الطبيعة كأنها ملابس ولكن ملتصقة بكامل الجسد ومن ضمن هذا الجسد نتيجة تداخل مادة الشجرة بمواد الجسد كشفت هذا الغطاء
وهنا جاءت كلمة سوءاتهما مناسبة كونه تم الإنتقاص الأول بالسالب فبدءت مراحل الإنتقاص وصولاً للشيخوخة والموت
مما يستدعي ظهور شجرة الذرية وشجرة المعرفة
وكلاهما ناتج جمع مادة الشجرة التي تداخلت في جسدهما وتنتقص من قدراتهما الجسدية وأنبتت في داخلهم شجرة الذرية وأوجبت عليهم أن تنبت في ادمغتهم شجرة المعرفة
وهكذا انتقل آدم وذريته من واقع الإختيار ما بين إختيار واحد لاختيارات لا حدود لها
ما بين الإلتزام بشجرة الأوامر الإلهية التي تتوافق مع طبيعته وبين شجرة المعصية التي تخالف طبيعته وتكشف ما يسلب من سوءته وينتقص منها
فدأب الإنسان أن يأكل من شجرة المعصية ويتوب الله عليه وهناك من رفض التوبة ولكنه أنكر ذلك على أبيه آدم
تعليقات
إرسال تعليق