ممر داود: المشروع الإسرائيلي الذي يخنق مصر من الشمال الشرقي
مقدمة: عندما تتحرك الخرائط بصمت، وتُسحب الأهمية من دولة إلى أخرى دون قنابل، فاعلم أن مشروعًا استراتيجيًا جارٍ تنفيذه دون أن تعلنه وسائل الإعلام. أحد أخطر هذه المشاريع هو ما يُعرف بـ"ممر داود"، الشريان الخفي الذي تسعى إليه إسرائيل وأمريكا، لا لربط الشرق بالغرب فقط، بل لعزل مصر وتهميش دورها التاريخي في قلب المنطقة.
الممر الذي يمر فوق الجثث: "ممر داود" ليس طريقًا بريًا عاديًا، بل حلم توراتي قديم، يرتبط بخريطة "إسرائيل الكبرى"، ويمتد من الخليج العربي عبر العراق وسوريا، ليصل إلى ميناء حيفا أو عسقلان، متجاوزًا قناة السويس. هذا الممر إذا اكتمل، سيجعل من إسرائيل محورًا لنقل الطاقة والتجارة العالمية، ويُقصي مصر من دورها كممر استراتيجي بين الشرق والغرب.
لكن هذا الحلم لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم تفكيك سوريا، لا بالحرب فقط، بل بالحرب الطائفية تحديدًا. فالدولة السورية الموحدة بجيش واحد وحدود واضحة، كانت وستظل العقبة الأهم أمام هذا المشروع.
لماذا الحرب الطائفية؟ الفتنة الطائفية في الشام هي الخطة الجيوسياسية الأنسب لتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ مذهبية وعرقية: درزية، علوية، سنية، كردية... وكلها تُدار أو تُخضع لقوى إقليمية مثل تركيا وإيران وإسرائيل.
إسرائيل تريد الجولان ومنطقة آمنة تمتد حتى حدود لبنان.
أمريكا تريد مناطق نفوذ نفطية شرق الفرات.
تركيا تطمع في كيان سنّي على حدودها.
والخليج قد يُغرى بمرور أنابيبه عبر هذا الممر.
هكذا تصبح سوريا مستباحة، ويُفتح الطريق لممر داود.
ضرب القصر الرئاسي: رسالة المذلة العربية عندما ضُرب القصر الجمهوري في سوريا، لم يكن الهدف قتل بشار الأسد، بل توجيه رسالة: لا حصانة لأحد، لا سيادة لكم، والعروش تُداس متى نشاء.
رغم كل ما قيل عن خيانة النظام السوري، فإنه حتى في خطابه الدعائي لا يزال يرفع شعار العداء لإسرائيل. لذلك ترى تل أبيب ضرورة في تفكيك هذا الخطاب ومحو رمزيته، وإن كان ذلك بقصف مركز القيادة نفسه.
مصر... في مرمى الهدف الجغرافي: مصر اليوم تواجه خطرًا وجوديًا اقتصاديًا واستراتيجيًا من هذا المشروع:
قناة السويس قد تُستبدل بالممر الجديد، ما يعني خسارة مليارات من عائداتها.
مركزية مصر في التجارة العالمية والطاقة ستُنتزع لصالح إسرائيل.
الضغوط السياسية ستتزايد لإشراك مصر في تسويات لا تخدم أمنها القومي.
مشروع ممر داود ليس مجرد خط على خريطة، بل خنجر موجه نحو قلب الدور المصري في الشرق الأوسط.
الربط بين ما يحدث الآن والمخطط:
التطبيع مع الخليج ليس فقط سياسيًا، بل اقتصاديًا يهدف لربط منابع النفط بموانئ إسرائيل.
السيطرة على الغاز شرق المتوسط تعيد تشكيل تحالفات الطاقة لصالح تل أبيب.
الانسحاب الأمريكي من سوريا وترك فراغات مقصودة يعني إعادة رسم النفوذ.
كل هذا تمهيد لواقع جديد، تُصبح فيه إسرائيل هي "الممر" ومصر مجرد ممر بديل.
اقتباس : "ليس من يملك السلاح من يحكم، بل من يملك الطريق إلى الموانئ." – من تقرير استخباراتي غربي حول مستقبل الطرق الدولية.
سؤال مفتوح: هل ستقبل مصر أن تتحول من دولة عبور عالمية إلى هامش جغرافي؟ أم أن الوقت حان لردع هذا المشروع قبل أن يُطوّق رقبتها من الشمال الشرقي؟
تعليقات
إرسال تعليق