العودة إلى الفطرة: كيف تساعدنا التربية الربانية على استعادة أنفسنا الأصلية؟
🧭 المقدمة
كل إنسان وُلد على فطرة نقية، كما قال النبي ﷺ:
"كل مولود يُولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه."
– صحيح مسلم
لكن مع مرور الزمن، تُغَطى هذه الفطرة بالحجب:
-
شهوات الجسد
-
صدمات الطفولة
-
غرور المعرفة
-
ضغط المجتمع
-
خداع النفس
وهنا تبدأ التربية الربانية، لتعيدنا لا إلى شيء جديد، بل إلى ما كنا عليه: نقاء الفطرة الأولى.
🌱 أولًا: ما هي الفطرة؟
هي بصمة الله في الإنسان: معرفة ضمنية بالحق، تمييز بين الصواب والخطأ، شعور داخلي بالحب، بالعدل، بالجمال، بالتوحيد.
لكنها لا تبقى صافية وحدها، بل تحتاج إلى:
-
تجربة الحياة لتنضج.
-
الاختبار لتُختبر.
-
التربية الإلهية لتُكشَف من جديد.
🔍 ثانيًا: كيف تُحجب الفطرة؟
-
الشهوة: إذا سيطرت، جعلت العقل عبدًا لها، وأطفأت البصيرة.
-
الغفلة: العيش بلا تأمل يحجب رؤية الله في التفاصيل.
-
النسيان: ننسى من نكون، ونظن أن الحياة هي الظاهر فقط.
-
الأنانية: تجعلنا نرفض الاعتراف بالخطأ، فتتبلد الروح.
ولهذا تأتي التربية الإلهية كتجارب “تفُض الغلاف” المغلف للفطرة، وتعيد الإنسان إلى وعيه.
🧭 ثالثًا: كيف تُعيدنا التربية إلى الفطرة؟
📍1. بالهزّات
الهزة القوية (كمرض، فقد، خيانة، صدمة) تفصلنا عن "الزيف"، وتجعلنا نصرخ:
"أنا مش ده.. فين أنا؟!"
ومن هنا يبدأ البحث.
📍2. بالأسئلة
الأسئلة التي تضعها التجارب في طريقك، ليست عبثية.
بل هي محفّز لاستدعاء الفطرة من تحت الركام.
هل هذه الحياة التي أردتها؟
لماذا لا أرتاح رغم النجاح؟
ماذا أفعل إن متّ الآن؟
هذه أسئلة تعيد ترتيبك من الداخل.
📍3. بالتكرار
عندما يُعيد الله عليك نفس التجربة أكثر من مرة، فاعلم أنك لم "تفهم الدرس".
فهو لا يُعذبك… بل يُدرّبك.
🌊 رابعًا: أمثلة على استعادة الفطرة بالتربية
🧑🎓1. شاب مستهتر – ثم فقد أعز إنسان
كان يعيش بلا معنى، حتى توفي صديقه فجأة.
فبكى لأول مرة بصدق، وسأل: "ليه؟ فين كنت؟"
بدأ يصلي، ليس خوفًا بل اشتياقًا.
لقد عاد لشيء فيه… كان مدفونًا.
💼2. موظفة مغرورة – ثم طُردت من العمل
كانت ترى نفسها فوق الناس، وأن الله يُعطيها لأنها "أفضل".
فلما رُفِضَت ظلمًا، شعرت بانكسار لأول مرة.
بدأت ترى الناس، وتحس بالضعفاء.
فُتِح لها باب الرحمة… ورجعت لإنسانيتها الأصلية.
🧠 خامسًا: ماذا يحدث عند رفض التربية؟
عند رفض التجربة، يظهر سلوك "الهروب":
-
التبرير: "أنا صح، هما الغلط"
-
التكبر: "مش ممكن يحصل لي كده"
-
الغرق في الشهوة: "مافيش غير الحياة دي، نعيشها"
وهكذا تزيد الحجب، وتبتعد الفطرة، ويتحول الإنسان إلى "قشرة فارغة".
✨ سادسًا: كيف أساعد نفسي على الاستجابة للتربية الإلهية؟
-
الصمت عند الألم: لا تتسرع في الشكوى، انتظر المعنى.
-
الاعتراف: قل "أنا محتاج أفهم"، وليس "أنا صح".
-
السجود: هو العودة الجسدية والروحية لله، وفيه تُفتح البصيرة.
-
القرآن: اقرأه كأنه رسالة خاصة لك، لا كواجب تقليدي.
-
الصحبة الصالحة: المحيط النقي يُسرّع العودة إلى الأصل.
🧩 سؤال مفتوح لك:
هل التجربة الأخيرة في حياتك قربتك من نفسك، أم زادتك بعدًا عنها؟
هل فتحت عينك أم جعلتك تهرب أكثر؟
الفطرة لا تموت، لكنها تنتظرك…
فهل ستُصغي لندائها حين يأتي الصوت من خلال الألم، أم تظل مشغولًا بالصدى؟
تعليقات
إرسال تعليق