القائمة الرئيسية

الصفحات

سيكولوجية الطبقات: لماذا تختلف الأخلاق من الحارة إلى الساحل؟

 


🧠 المقال الثاني

"سيكولوجية الطبقات: لماذا تختلف الأخلاق من الحارة إلى الساحل؟"

(تفكيك نفسي لأخلاق الأغنياء والفقراء في مصر)


🔍 مقدمة:

في مصر، الأخلاق ليست ثابتة بين الناس…
بل تختلف من حي لآخر، من شارع لآخر، من مدرسة لأخرى، ومن طبقة لأخرى.

لكن السؤال:
هل الأخلاق مرتبطة بالفقر أو الغنى؟
هل الفقير أكثر التزامًا؟
هل الغني أكثر انحلالًا؟
أم أن كل طبقة تحمل نوعًا مختلفًا من الانحراف، بحسب السياق الذي تنشأ فيه؟


🧠 أولًا: الطبقة الشعبية (الأحياء العشوائية والمناطق المتوسطة المتدهورة)

🔬 السيكولوجيا السائدة:

  • الخوف من الفضيحة: مصدر الأخلاق هو "الناس تقول علينا إيه؟"

  • الضغوط اليومية: الهمّ الاقتصادي دائم، ما يخلي الإنسان في حالة احتقان مستمر.

  • القدوة مختلّة: مفيش أب واضح، والمعلم ضعيف، ورجال الدين إما مش موجودين أو مهمشين.

  • الجدعنة بدل الأخلاق: مبدأ "أكون راجل في الشدة" حلّ محل منظومة متكاملة من القيم.

⚠️ الانحراف النمطي:

  • العدوانية اللفظية.

  • الشك في الآخرين.

  • التطبيع مع الغش والكذب كأدوات للبقاء.

  • الاستعداد للبلطجة في غياب القانون.

لكن رغم كل ده، هذه الطبقة تحمل بقايا من القيم الأصلية:
الحياء، احترام الأم، الشهامة تجاه الجار، الحنين للدين… لكنها مضغوطة ومشوشة.


🧠 ثانيًا: الطبقة الوسطى (ما تبقى منها)

🔬 السيكولوجيا السائدة:

  • الازدواجية المزمنة: بين ما تعلّمه في المدرسة والدين، وما يعيشه في الواقع.

  • الصراع بين الأصالة والتطور: يعيش في حي شعبي، ويتابع تريند الساحل الشمالي.

  • التأرجح المستمر: لا يثق بالمتدين ولا بالمتحرر… فيعيش بقلق أخلاقي دائم.

⚠️ الانحراف النمطي:

  • التبرير المستمر للسلوك السيئ: "الناس كلها كده"، "الدنيا مش سايبة".

  • التظاهر بالفضيلة مع التورط في الفساد الصغير: "مصلحة بسيطة"، "هدية مش رشوة".


🧠 ثالثًا: الطبقة العليا (الشرائح الثرية ومجتمع الصفوة)

🔬 السيكولوجيا السائدة:

  • التحرر من الرقابة المجتمعية: المال بيشتري الخصوصية والنجاة من العواقب.

  • احتقار القيم التقليدية: تعتبر الأخلاق القديمة "تخلف" أو "كبت".

  • الهروب إلى هوية مستوردة: تبني نموذج الحداثة الغربية دون فهم جذوره.

⚠️ الانحراف النمطي:

  • مظاهر الانحلال اللامعة:

    • حفلات الساحل الشمالي: مخدرات ناعمة، رقص هستيري، تحرر بلا حدود.

    • الجسد يُسوق كرمز للحرية.

    • الدين يُتهم بالتشدد، والحياء يُصنف كعُقدة.

  • السطحية الفكرية:

    • تبني مصطلحات "الحرية، التفكيك، الكيرلي، الفيمينيزم، الكوير"، بلا فهم لتأثيرها على النفس والمجتمع.

    • فخر بـ"الغربنة" على حساب فقدان الهوية.

هنا الانحراف الأخلاقي ليس قلة وعي، بل تفكك متعمّد ومؤدلج تحت شعار التمدن والرفاهية.


🧬 رابعًا: ما الذي يجمع كل الطبقات؟

  • كل الطبقات في أزمة "مَعنى"

  • الفقير مشغول بالبقاء، والغني مشغول باللذة، والطبقة الوسطى مشغولة بالنجاة من الانهيار.

  • ولا أحد يتساءل: أنا ليه موجود؟ إيه دوري؟ يعني إيه إنسان أصلاً؟


🧭 خاتمة:

الفقراء يخطئون تحت ضغط الفقر،
والأغنياء يخطئون تحت سكر الرفاهية،
لكن الجريمة الحقيقية هي أن يُعاد تعريف الفضيلة كعيب، والحرية كتحلل، والنجاح كخداع.


📌 تمهيد للمقال القادم:

"الأسرة المُنهكة: كيف تفقد البيوت دورها وتنتج أبناء بلا بوصلة؟"
سندخل إلى داخل البيوت المصرية — الشعبية والراقية — ونحلل كيف أصبح البيت مُربكًا، لا مُربيًا.

تعليقات