القائمة الرئيسية

الصفحات

حرب التعطيل وإبطاء العمل: القاتل البطيء للإنتاجية داخل المؤسسات

 


حرب التعطيل وإبطاء العمل: القاتل البطيء للإنتاجية داخل المؤسسات

في عالم الإدارة، ليست كل الحروب تُخاض بالأسلحة أو بالصوت العالي. هناك نوع أخطر وأكثر خبثًا يُسمّى "حرب التعطيل وإبطاء العمل"، حيث لا يُهاجِم الموظف أو المجموعة المؤسسة مباشرة، بل يختارون أسلوبًا هادئًا يستهلك الوقت والموارد حتى تنهك المنظومة من الداخل، تمامًا مثل الصدأ الذي يلتهم الحديد بصمت.

ماهية حرب التعطيل وإبطاء العمل

حرب التعطيل تعني استخدام أسلوب المماطلة، والتأجيل، وإدخال العراقيل في سير العمليات الإدارية، بهدف إبطاء وتيرة العمل أو إيقافها تمامًا، سواء بدافع الانتقام، أو حماية مصالح شخصية، أو إفشال قيادة معيّنة.


أساليب حرب التعطيل وإبطاء العمل

1. البيروقراطية المفتعلة

إغراق أي إجراء في دوامة من الطلبات الورقية، والموافقات، والتوقيعات غير الضرورية، حتى تصبح أبسط مهمة تستغرق أيامًا أو أسابيع.
💡 مثال عملي:
موظف في قسم المشتريات يرفض إتمام شراء أدوات مكتبية إلا بعد موافقات من 4 أقسام، رغم أن اللائحة تسمح بموافقة مدير واحد.


2. إعادة العمل بلا داعٍ

طلب إعادة صياغة التقارير أو تعديل الملفات مرات عديدة بدون مبرر حقيقي، لمجرد إضاعة الوقت وإرهاق الفريق.
💡 مثال عملي:
رئيس قسم يطلب من فريقه إعادة كتابة تقرير الأداء 5 مرات بسبب "عدم ارتياحه للصياغة" رغم أن المضمون صحيح ولا تغيير فيه.


3. التأجيل الاستراتيجي

تأجيل الاجتماعات أو اتخاذ القرارات المهمة بحجج واهية، لتمديد الوقت حتى تفوت الفرصة أو يبرد الحماس.
💡 مثال عملي:
مدير يؤخر اجتماع البتّ في مشروع جديد لمدة شهرين بحجة "انتظار بيانات إضافية"، بينما المشروع يحتاج إلى سرعة البدء.


4. إبطاء الإجراءات الميدانية

تنفيذ المهام ببطء شديد، أو تأخير الرد على المراسلات، بحيث يبدو الأمر طبيعيًا ظاهريًا، لكنه في الواقع عرقلة منظمة.
💡 مثال عملي:
موظف استقبال يتعمد ترك البريد الوارد على مكتبه ليوم أو يومين قبل تسليمه إلى الأقسام المعنية.


5. التمسك الحرفي بالقوانين

اتباع القوانين حرفيًا بطريقة جامدة تمنع المرونة، حتى لو كان التفسير الضيق للنص يضرّ بالمصلحة العامة.
💡 مثال عملي:
قسم مالي يرفض صرف مستحقات عاجلة لموظفين لأن التاريخ في الفاتورة مكتوب بخط اليد وليس مطبوعًا، رغم وضوح كل التفاصيل الأخرى.


أسباب انتشار حرب التعطيل

  • صراع النفوذ بين الإدارات أو الأفراد.

  • غياب الرقابة وضعف المحاسبة على الأداء.

  • انتقام شخصي من مدير أو زميل.

  • الرغبة في إثبات أن القيادة الحالية فاشلة.


الآثار السلبية

  • فقدان ثقة العملاء أو المستفيدين.

  • تراكم العمل وتضخم المشكلات الصغيرة.

  • هدر الموارد المالية والبشرية.

  • خلق بيئة عمل سامة مليئة بالإحباط.


طرق المواجهة

  1. تحديد مؤشرات أداء (KPIs) واضحة لكل وظيفة، مع متابعة دقيقة للإنجاز.

  2. تقليص البيروقراطية وتفويض الصلاحيات بذكاء.

  3. تفعيل أنظمة تتبع العمل (Workflow Tracking Systems).

  4. تحفيز ثقافة الإنجاز ومكافأة الموظفين النشطين.

  5. التدخل الإداري المبكر عند ظهور علامات التعطيل.


🔍 خلاصة:
حرب التعطيل وإبطاء العمل قد تبدو بطيئة وغير ضارة في البداية، لكنها مثل تسرب الماء إلى أساسات المبنى—صامتة، لكنها مدمرة على المدى الطويل. وحدها القيادة الواعية ونظام العمل الشفاف يستطيعان كشفها وإبطال مفعولها قبل أن تتجذر.


تعليقات