معنى "الطُّور" وارتباطاته القرآنية
الطور في اللغة والمعنى القرآني يحمل دلالة شديدة العمق والتعقيد. أبسط معانيه: مرحلة أو حالة تتضمن تطويع شيء والسيطرة عليه ونقله من وضع إلى آخر، استعداداً لمرحلة جديدة أكثر تفصيلاً، مع الحفاظ على الصلة بما سبقها، وربطه بمصادر تساعد على البناء والاستمرار.
ومن هذا المنطلق، جاء وصف خلق الإنسان في القرآن:
{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } (نوح: 14)
أي أن الخلق تم على مراحل متصلة، لكل منها دور في تكوين الكيان الإنساني.
كما أن "جبل الطور" اكتسب اسمه من خصائص مشابهة: فقد طوّق بني إسرائيل، وتحوّر عن حالته الأصلية دون أن ينفصل أو ينكسر، كما في قوله تعالى:
{ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } (الأعراف: 171)
طور سيناء – في سورة المؤمنون (20)
{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ }
رغم تفسير البعض بأن المقصود شجرة الزيتون، إلا أن الزيتون ليس مقصوراً على مكان محدد، والآية لا تقتصر على معنى نباتي صرف.
الشجرة هنا كيان متكامل، تخرج منه تفرعات مترابطة، وقد يكون هذا الكيان في الجسد العضوي لا في الطبيعة فقط.
خصائص "طور سيناء"
-
تجديد مستمر: إعادة بناء ذاته وخلاياه بصفة متواصلة.
-
إنتاج مواد غذائية أساسية: تحويل المواد من حالة إلى حالة بأقصى دقة.
-
تنقية: فصل المواد النقية عن غيرها وإنتاج الدهن ومكونات أخرى.
الصبغ للآكلين
الصبغ الناتج عن هذا الطور مادة تغلف الأنسجة والعروق وتحميها، أشبه بالكولسترول النافع في الجسم، الذي يدخل في تركيب الأغشية ويحافظ عليها.
إذن، طور سيناء في الجسد هو الكبد، حيث تنتج الدهون والصبغات الحيوية لجميع الكائنات التي تأكل.
طور سينين – في سورة التين (2)
{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)}
الفرق بين "طور سيناء" و"طور سينين":
-
طور سيناء: عضو محدد (الكبد) له وظيفة إنتاجية وتنقية أساسية.
-
طور سينين: عملية مستمرة داخل الجسم لتحويل الطاقة الناتجة عن التمثيل الغذائي إلى بناء خلايا جديدة وإصلاح التالف، أي الأيض (Metabolism) بشقَّيه:
-
الهدم: تكسير الغذاء لإنتاج الطاقة.
-
البناء: استخدام الطاقة والمواد المتبقية لبناء أنسجة وخلايا جديدة.
-
هذه العملية أساسية في تقويم الجسد والحفاظ على توازنه، وتضعف مع التقدم في العمر.
الطور في سورة الطور (1-6)
{ وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) }
الطور هنا
ليس جبلاً، بل نواة الخلية، حيث تجتمع بداخلها مكونات أساسية لبناء كيان جديد.
الكتاب المسطور في رق منشور
هو الشريط النووي (DNA/RNA) الحامل لصفات الكائن الحي، مكتوب بصيغة دقيقة ومترابطة، وموجود في صورة رقيقة منشورة داخل النواة.
البيت المعمور
هو الكروموسوم الناتج عن اتحاد شريطين نوويين، يحملان الصفات الأقوى من كل طرف، وتظهر فيه بصمة جديدة مميزة.
السقف المرفوع
هي الروابط التي تجمع بين الشريطين وتحافظ على تماسكهما، مثل الروابط الهيدروجينية.
البحر المسجور
هو السائل النووي الذي يحيط بالمكونات داخل النواة، ويحافظ على نشاطها وارتباطها.
بهذا الفهم، يظهر أن "الطور" في القرآن ليس مجرد مكان أو جبل، بل مرحلة أو بنية أو عملية حيوية، تتكرر في سياقات مختلفة:
-
طور سيناء: عضو منتج (الكبد).
-
طور سينين: عملية أيض شاملة.
-
الطور في سورة الطور: نواة الخلية ومكونات التكوين الوراثي.
لمزيد من التفصيل وشرح بالحروف أدخل على الرابط:
https://7elmthany.blogspot.com/2018/11/cell-nucleus.html
تعليقات
إرسال تعليق