"حين يصبح الحلم كابوساً: كيف ساعدنا الشيطان على اعتلاء العرش ونحن نصفق للسلام"
في زمنٍ تتداخل فيه الحقائق بالخيال، وتُلبس الأكاذيب ثياب الحكمة، قد يصعب علينا أن نُدرك إن كنا نعيش واقعًا أم نُساق داخل سردية أُعدّت لنا بعناية.
يُنادونك باسم "السلام"، ولكنهم يحملون في جعبتهم نارًا تحرق، وقيدًا يقيّد الفكر والضمير. يسير الناس خلفهم طواعية، بينما تُعاد صياغة العالم من حولنا في مشهد سينمائي محبوك، لا نملك فيه سوى دور الكومبارس.
ستأتي لحظة، لا محالة، تدرك فيها أنك لم تكن مجرد متفرّج، بل كنت جزءًا من المسرحية. قد تكون ساهمت بصمتك، أو بخوفك، أو حتى ببرّرك لما لا يُبرَّر، حتى صعد "الحاكم الأوحد" إلى قمة الهرم الأكبر، لا كقائد عادل، بل كرمزٍ للهيمنة الشيطانية.
حينها يتحول الحلم الوردي الذي وعدوك به، إلى كابوس لا صحوة منه. والأسوأ أن الكابوس لا يسكن النوم فحسب، بل يلتف حولك وأنت مستيقظ، يطوّقك، يخنقك، ويمنعك حتى من الحلم بالنجاة.
الحرية لا تُمنَح، والحقيقة لا تُقدم على طبق. هناك لحظة فاصلة في حياة كل فرد، عليه أن يسأل فيها نفسه:
هل ما أراه حقيقي؟ أم أنني أعيش داخل قصة كتبها غيري وسُلبتُ فيها إرادتي؟
لقد مرّت سنوات، وتراكمت الذكريات، ولكن…
ما زال السؤال قائمًا: هل نستطيع الاستيقاظ؟ أم فات الأوان؟
إن الحديث عن "الحاكم الأوحد" أو "الشيطان الذي يعتلي العرش" ليس محض خيال. إنما هو توصيف رمزي لما يحدث حينما تتغلغل النُّظم العالمية في تفاصيل حياتنا، وتُعيد تشكيل وعينا وهويتنا من دون أن نشعر.
1. الإعلام كأداة تعمية لا توعية
في العقود الأخيرة، تحوّل الإعلام من سلطة رابعة تراقب وتحاسب، إلى جهاز ضخم يُصنّع القبول العام، ويُمرر السياسات المغلّفة بمصطلحات براقة: "السلام، الحقوق، التنمية، التقدم".
ولكن خلف هذه الكلمات تكمن تحركات خفية:
-
شرعنة التدخلات العسكرية باسم الديمقراطية.
-
صناعة أعداء وهميين لصرف الأنظار عن العدو الحقيقي.
-
توجيه الشعوب إلى معارك جانبية تستهلك طاقاتهم.
2. السيطرة الاقتصادية تحت شعار "الإنقاذ"
تظهر المؤسسات المالية العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، كمنقذ اقتصادي للدول الفقيرة. لكن خلف الستار، هناك شروط قاسية، تؤدي إلى:
-
خصخصة الموارد.
-
رفع الدعم عن الفقراء.
-
إخضاع القرار السياسي المحلي للإملاءات الخارجية.
3. تطبيع الخضوع باسم التقدم
"الحرية" أصبحت ماركة تُباع وتُشترى، يتم منحها لمن يخضع للمنظومة ويُسلم قراره.
أما من يرفض، فمصيره التشويه أو العزل أو التدمير، سواء كان فردًا أو دولة.
4. صناعة الزعيم المنقذ
يُعاد تكرار سيناريوهات "القائد المخلص" الذي يأتي لينقذ العالم من فوضاه، والذي يفرض "نظامًا عالميًا جديدًا"، قد يبدو للناس عادلًا، لكنه في جوهره لا يخدم إلا مراكز القوة، ويضع رقبة العالم تحت مقصلة واحدة.
خاتمة: من يصنع كابوسك؟
لسنا ضحايا فقط، بل شركاء في هذا الواقع بصمتنا أو انشغالنا بقشور الحياة.
وكلما تجاهلنا إشارات الحقيقة، ازداد عمق الكابوس.
لكن ما زال هناك ضوء – يبدأ من سؤال واعٍ:
هل هذا هو العالم الذي نريده؟ أم العالم الذي صمّموه لنا؟
تعليقات
إرسال تعليق