فعَلَّم آدم الأسماء كلها، ما المقصود بالأسماء؟!!!
قبل أن نعي تلك الأسماء لابد أن نعي لماذا
تم خلق الإنسان، كي يعبدون. والعبادة هي كشف قوانين الله التي هي أسماءه في خلقه، فمفهوم
خلق الإنس والجن إلا ليعبدون.
فالذي تم نقله لنا هو مفهوم خاطئ، فهم
يعبدون سواء آمنوا أم لم يؤمنوا مارسوا مناسكهم أم لم يمارسوها، فالكل خاضع لقوانين أسماءه التي تتكشف في عالم الخلق
فينا شئنا أم أبينا كذَّبنا أم صدَّقنا.
فقوله وما خلقنا الإنس والجن إلا ليعبدون
مفهوم شامل وهو مفهوم كشف القوانين من اللامُدرك إلى حالة الإدراك للمخلوقات.
لذلك عندما أخبر الله تعالى ملائكته بخلق
آدم، أبلغهم بأنه سوف يكون خليفة، والخليفة من له صفة التخليق من مادة الكون
بخياراته الحرة وما يترتب عليها من إفساد، فكان إدراكهم لفساد الإنسان للأرض إذا
ما وهبه الله صفة قدرة التخليق والاختيار الحر.
ولكن يحكم هذه الخيارات الممنوحة للخليفة
أسماء الله التي تحمل السنن الحاكمة للفطرة مهما بلغ فساد وإفساد الإنسان، فهي
تعيد التوازن في داخل حدود السنن الكونية مهما مر من وقت.
فالإفساد له قمة لتعيد الفطرة نفسها من
جديد وتدخل الإنسانية المسجد الإلهي كما دخلوه أول مرة مفطورًا ساجدًا للفطرة
الإلهية مهما كانت وجهة وتوجهات من علوا في الأرض.
فكانت نهاية قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب
الحجر وبني إسرائيل في زماننا في علوهم الثاني قريبًا، وغيرهم
لإعادة الفطرة بعد العبث بتوازنها.
ولهذا علم الله تعالى الأسماء لآدم ثم
عرضهم على الملائكة كونهم لم يدركوها من قبل كون لم يكن هناك المخلوق الأساسي
الخليفة الذي سوف يتم تسخير الملائكة والجن في خدمته وتتكشف هذه القوانين
لمخلوقاته.
فحين عرضهم على الملائكة أدركوا أنهم لم
يكونوا يعلموا إلا ما علمهم الله.
وهكذا بإدراكهم للأسماء وقوانينها انكشف
لهم علم جديد وحكمة إلهية من خلقه، فأمرهم أن يسجدوا اي يصبحوا في خدمة آدم هم
والجن كطاقات أساسية ما بين طاقة الملائكة التي تقدس لله بنقل الأمر الإلهي؛ أي
الروح التي هي من أمر ربي إلى عالم الخلق فقط فهي طاقات موجبة لا يتم تسخيرها في
معصية.
وفي الجانب الآخر الجن ولهم خلق الاختيار
بالسجود أم لا، فهم كطاقات سالبة في كل الأحوال يتم تسخيرها للإنسان بشكل غير
مُدرك فهي الطاقة الخفية التي لا يمكن إدراكها ولا تجسيدها كما يزعم البعض، فهي
طاقات يمكن استخدامها في خير أو شر أو كلاهما وللإنسان حرية الاختيار.
فالجن هو قدرة التحول غير المرئية التي
نستعملها في شتى المجالات التكنولوجية بشكل عادي.
فكرسي سليمان كان يتحكم في الجن ومنسأته
أداة او ما نسميه عصا التحكم في زماننا وليس الخرافات التي نسجناها حول زمان
سليمان عليه السلام.
فكما بطرق التحكم التكنولوجية يتحول العمل
البرمجي إلى تمثال ورسومات ونحت دقيق؛ فسليمان عليه السلام كان لديه من العلم ما
يفوق ما وصلنا إليه وكان شاهداً علينا في كونه سخره في طاعة الله.
ولكن ما وصلنا من علم سليمان عليه السلام
هو ما تتلو الشياطين على ملك سليمان فهم نقلوا لنا علمه بعد شطنه فما كفر سليمان،
ولكن الشياطين كفروا بشطنهم لهذا العلم وجعله يؤدي إلى الإفساد.
لذلك سجد كل من الملائكة والجن إلا إبليس
الذي خرج عن طاعة التسخير ومن بعده قبيلهِ الذين خرجوا هم أيضًا من بعده فبخروجهم
يصبحوا لديهم القدرة للوسوسة والوصول لمراكز الوصل والقاء الأفكار للأذن الداخلية
للإنسان لإغرائه وتحميله بالأماني لتغيير خلق الله.
فالشياطين توسوس بشطن الطاعة اي جعلها
شبيهة بها لكن تحويرها لتصبح ضد الطاعة وان احتفظت بالشكل مثل الصلاة والصدقة من
أجل الرياء ورأي الناس.
أو بلس المعصية بتزيينها واظهارها بأنها
الأفضل لحياة الإنسان فيصبح الزنا أفضل بشطن الزواج وجعله صراع وخيبات في المجتمع،
فيزين للناس حب الشهوات زنا وسرقة وفساد وحانات ومواقع اباحية الخ.
ورغم كل هذا الإفساد تبقى قوانين الله في
أسماءه، لتعيد ضبط نسيج حركة الحياة، وللأسف معظم الأسماء يعيها الإنسان بمفاهيم
متداولة خاطئة، فلم يدركوا السنن فيها فلم يعقلوها.
فمثلاً العليم والخبير قوانين خاصة بطبيعة
الخلق والتخليق، فكل خلق أتى بقانون الخبير، وأهم ما يحكمه أن أي خلق يأتي من
اللامُدرك أي يكون خفيًا في الأصل أو من مادة مختلفة فيبدو ويظهر على مخلوق آخر أو
مادة أخرى لينشط وتتحكم فيه هذه المادة وتسيطر في ظهور هذا المخلوق.
فحتى آدم أتى من طين وذريته من ماء مهين
فأصل المخلوق مختلف عن طبيعة ظهوره.
وقانون العليم هو قانون الكشف عن المخلوق
من اللامُدرك أو المختلف عنه بجعله متناغم ومتلاحم في طبيعته مع نسيج حركة مادة
الحياة التي يحيا فيها ويصير نشطاً فيها.
فخلق آدم من طين أو الذرية من ماء مهين
كان كشف المخلوق هنا من اللامُدرك الى مرحلة الإدراك كان متناغماً متلاحماً مع
المادة الكونية حوله.
فلك أن تتخيل ان الإنسان خرج للحياة فلم
يجد الأكسجين أو لم يكن به التمثيل الغذائي كإمكانية يمكن تحويل المادة اليابسة من
النبات مثلًا من خلال عملية معقدة إلى مواد وطاقة تساعد في بناء هذا البلد الأمين
الجسد فيصير أنشط بكل ما تم نسج له من قوانين العليم ليسبح داخل مواد حوله ليصبح
أطوارًا سواء في رحم الأم أو خارجها.
وهكذا الأميبا في بيئتها والأسد في الغابة
وما تحت الثرى.
فأسماءه قوانين مطلقة تحتاج لتأمل عميق في
كل سنة تحكمها داخل هذا الكون لذلك سوف تجد الأسماء لا حدود لها فقوله، الله
الرحمن الرحيم اسم واحد والعليم الخبير اسم واحد وإن تكون كل منهم من أسماء مفردة
فكلهم قوانين مترابطة مع بعضهم البعض.
وأخيراً
الإنسان حمل الأمانة بإرادته وأبت
المخلوقات حملها فكان له الاختيار في نطاق المادة.
أما إبليس فأبى السجود أي التسخير من اجل
الإنسان، فتم فرض الاختيار ما بين السجود وعدم السجود عليه ومن وراءه الجن عليه
تسري ذات القاعدة.
الأسماء التي عرضها على الملائكة:
كي نعي تلك الأسماء يجب اولاً استيعاب
شيئين متلازمين
أولاً: الاسم:
هو يحمل أهم خصائص المسمى فتصير معاني تصف
هذا المسمى فلكل اسم صفة أو صفات.
ثانياً: مجال ظهور
الاسم:
يتطلب ظهور الاسم وجود الشيء المسمى أو
صفاته لنعي المسمى، فنحن نعرف الله بصفاته وقوانينه الدنيوية التي تحيط بنا دون أن
نراه.
وكذلك الملائكة تراه من خلال صفاته في
مجال خلقهم وطبيعتهم المُسيرة المكلفة التي ليس بها اختيار، فكان نطاق علمهم هي
أسماء الله وصفاته التي بها تكليف مطلق وليس فيها اختيار أي أسماء لها مجال في
طبيعة عالمهم.
وما كان أن
يدركوا غير تلك الصفات لا طالما أنه لم يعلمهم الله بها ولكن تلك الأسماء هي في
علم الله وحده.
فلما كانت الملائكة تتساءل عن خلق آدم
الغير مُسير والحامل للأمانة وغير المجلوب على الطاعة الكاملة كونه باختياره سوف
يخطأ الاختيار، ويصبح هناك مفاسد نتيجة لخياراته كونه مخلوق وصراعه حول هذه
الاختيارات وبعقله المحدود سوف يفسد فيها ويتصارع عليها.
وكان تحول قناعة الملائكة بضرورة خلق آدم
ليست مجرد طاعة ولكن عن قناعة تامة كونهم أدركوا بعد أن علمهم آدم الأسماء التي
علمها الله تعالى له ما هي تلك الأسماء.
لماذا اقتنعوا:
لأن الأسماء التي تعلمها آدم ظهرت برهانها
وقوانينها في عالم خلق آدم فهي أسماء قوانين التخيير أي عالم الاختيار وتحكم شجرة
المعرفة المادية والتي تحكم عالم الإنسان وتعمل على احتواء خيارات الإنسان مهما
كانت فتدير وتدبر شئون هذا العالم الآدمي وتغيراته نتيجة تعدد الخيارات اللانهائية
للبشر.
فلكل اختيار سلوكًا كونيًا ينتج عنه كوناً
مختلف عن خيار آخر فما بالك بخيارات البشر في كل ثانية وكيف لكل دقيقة وعدد
الخيارات الكونية التي تحتويها تلك الأسماء من قوانين تنظم وتدبر هذه الخيارات
اللانهائية عبر كل هذه الأزمان التي يعيشها الإنسان.
وهكذا أدركت مخلوقات الملائكة أن خلق
الإنسان ما كان إلا ليعبد الله كافرهم ومسلمهم كون وجودهم يظهر عليه صفات الله، فالعبادة
والسجود طوعًا أو كرهًا، داخل الخيارات الكلية للبشر هي محققة لقوانين وصفات
الأسماء لا تخرج عنها ولا يمكن مهما عصينا الخروج عن مجال صفات اسماءه التي مكنتنا
من الاختيار.
ولا يمكن لإنسان أن يخرج أو يتخطى القوانين الإلهية، فلا خلاق لهم خارج تلك الأسماء، فلابد من خلق آدم كون عالمه تظهر وتبدو فيه قوانين الاختيار وصفات الله فيها فما كان من الملائكة إلا أن اقتنعوا بضآلة علمهم وعدم إدراكهم بكثير من أسماء الله الحسنى.
تعليقات
إرسال تعليق