إِنَّمَا
يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخشية يتم فهمها على حسب السياق والآن نضع أمامكم معنى خشىَ
خ : خرج وخوى وخلا عن (حالة أصلية) ودخل عمق آخر خفي فاختلفت حالته
ش : بشق منه أو بصورة أخرى من أصله بعيداً عنها
ى : فضبط أموره وأحوالاً ضبطاً مستمراً على هذا الحال الشبيهة أو
مع هذه الصورة الأخرى ضبطاً تاماً
فإذا كان السياق مثل قول (أن أحد ما يخشى الله)
فهذا الشخص حالته الأكثر تأثيراً والأنشط والظاهرة عليه أنه خرجت
نفسه وخوت وخلت عن الدنيا وأصبحت بعيدة عنها وضبط أموره وأحواله ضبطاً مستمراً
وتاماً مع أمر الله
ولكن ماذا لو كان الله هو الذي يخشى كما في سياق الآيات التي
حاولوا لوي عنق تفسيراتهم في قوله تعالى
{ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ
أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ
اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) } (سورة فاطر 28)
يَخْشَى : مصدر الكلمة .. خشي .. وهنا الفهم يجب أن يترك التراث
وإدعاءات النحو والصرف .. لتصريف عجزهم عن فهم كلمات الله تعالى . فالآية تتكلم في
سياقها كله عن إختلاف الأجناس والألوان والأشكال الذي خلق عليها الله الناس
والأنعام وكذلك كان هناك إختلاف العلماء في أجناس وأنواع علومهم .. ولكي يختار
كلمة تناسب حالة هذا الإختلاف الذي منبعه واحد وهو العلم الإلهي الذي يعجز العلماء
جمعه .. ولكن يجب عليهم ليخوضوا فيه فيجعلوه أنواع .. الزراعة والكيمياء والفيزياء
والفلك .. الخ .. بل ذات الأنواع تنقسم لأنواع أكثر تفصيلاً .. فجاء التعبير
الدقيق عن هذه النوعية من الاختلاف والتشعب بكلمة يخشى ..
يَ : والياء هنا تفيد أن الله أخرج لنا من العلم الذي من مصدر واحد وهو الله تعالى
وبخروجه وجعله في مجال الدنياً نشطاً وأكثر تأثيراً على حياتنا وبتفريعاته أصبح
أكثر نشاطاً وتأثيراً ووضوحاَ على حالة التنوع والفروع
خْ .. فجعل كل علم يختلف عن غيره من أشكال جنسه وهنا كل علم أو
عالم إختلف في علمه عن العلوم الأخرى
فأصبح هذا العلم خارج الأشباه لذاته (كل علم لذاته مستقل في ظاهره) فأخرج العالم
أو العلماء العلم عن أصله (العلم الإلهي) وجعلوه فروعاً يبلغوا به عمق خفي من
الدنيا
شَ : فأصبحت العلوم والعلماء صور أو أشباه أو أشكال أو فروع من
العلم الأصلي فتفشت وانتشرت فروعها وأشكالها تلك في صورة أخرى من أصل العلم الإلهي
ى : الياء المفتوحة .. تعني أن تلك العلوم المختلفة والعلماء
المختلفين وفروع علومهم وما وصلوا إليه منها تكون متآلفة ومضبوطة مع قالب حياتنا
وأكثر تأثيراً فتظهر العلوم وينشط العلوم في فروع
نحتاجها لضبط أمور حياتنا بها على حسب المكان والزمان
الْعُلَمَاءُ :
ـــــــــــــ
من اكتشفوا وكشفوا عن أعماق علم لم تكن مُدركة من قبل فتوصلوا إليها
ونقلوها بجمعها بكتاب دنيوي يضبطوه ضبط بعد ضبط ويضموه له مع كل اكتشاف
ولنعد قراءة الآية بعد تصحيح مفاهيمنا الخاطئة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه
كذلك، فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وكذلك أخرج الله من العلم المطلق .. من خلال عباده العلماء ما خرج منه بأشباه من العلم المطلق ومختلفة عن بعضها البعض
كل علم مستقل بذاته وجعله فروعاً وصور وأشباه فتشتت وانتشرت في صور أخرى من أصل العلم المطلق وجعلها متآلفة ومضبوطة فروعها
في زمانها ومكانها أكثر تأثيراً وأنشط لهم .. فجعل من عباده فروع وأنواع وأشكال من
العلماء الدنيويين
ولم تأتي كلمة اختلاف العلماء في السياق كما يختلف اللون ولا يصح
بالطبع .. وجعلها الله تعالى يخشى لكون أن جذر العلم واحد وإن ظهر لنا فروع العلم
مختلف .. فتجد علم الزراعة مثلاً يحوي الكيمياء والأحياء والجيولوجيا والفيزياء ..
الخ .. وفي النهاية نصل أن أي شيء يحتاج لمعرفة بكل العلوم لكي نصل الي بعض العلم
عن الشيء محلل الدراسة ونقترب من خلال جمع العلم لعلم أعمق
فإذا كنا بصدد الوصول لعلم عن الشمس فنحتاج علماء فلك وفيزياء
وكيمياء ورياضيات .. الخ
فكل تطبيق دنيوي يحتاج لأنواع شتى من العلماء
فالله المؤمن والجبار لا تُفهم بالمعنى الدنيوي الذي نتداوله بيننا
حين تكون إسم من أسماء الله فالله تعالى
تعليقات
إرسال تعليق