قال تعالى:
{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ
إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} (سورة الملك 4)
مصدر "خاسئاً": خسء مصدر حسير: "حسر"
معنى "بصر" أي بدا وظهر وبرز من مركز وعمق
الشيء (وهنا المقصود ما برز وظهر من أعمق مواقع بالسماء).
فهي مرحلة إدراك أعلى يمكن أن تعتمد على النظر، أو المشاهدة،
أو الرؤية، أو كل ما سبق فهي أن يبدو لإدراك الشخص المُبصر ويظهر عمق العمق ولُب
الشيء ومصدر التحكم فيه، ويتضح من خلاله ارتباطه بهذا العمق، فيبصر ماهيته وأهمية
هذا العمق، ففي عمق الرأس يكمن المخ الذي يسيطر على الجسد في كل حركاته، وهكذا
طبيعة الإبصار تكشف عن العمق دائماً، فكان قوله تعالى دائماً "لعلهم يبصرون"
والمقصود العمق من الشيء دائماً وليس ظاهره فقط.
والآن بعد ما عرفنا متى تأتي كلمة بصر ولماذا، فلنتعرف
على ما هي الكرتين فيما يلي:
ثُمَّ
ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ
كَرَّتَيْنِ - أي قم بضبط محتوى السماء كتكوين في إطار (تقوم
أنت برسمه أو تصويره على سبيل المثال) والربط بين ما بدا وظهر لك من عمق السماء
واجمع المتفرقات فيه في قالب واحد (صورة واحدة أو رسمة واحدة) تكون هذا التكوين
كاشف لهذا الذي بدا لك واجمعه في هذا الإطار كما بدا لك، ثم ارجع واجمعه في وقت
لاحق بنفس الكيفية بنفس قوانين المكان والزمان في أي يوم وتربط بين تلك المكونات
بعمق السماء مرتين وفي إطارين مختلفين لنفاعل ونتاخم بينهما في مرحلة قلب البصر
على هذين الإطارين.
حيث يتم رصد هذا العمق السماوي في مرتين مغايرتين
ومختلفين كل منهما غير مختلط بالآخر كل إطار نقيًا عن الآخر ومنفصلين بذات الكم
والكيف.
ثم تضعهما فوق بعض فسوف تجد كل شيء متطابق حيث ينقلب
إليك البصر.
يَنْقَلِبْ
إِلَيْكَ الْبَصَرُ
ينقلب إليك البصر أي بنسخهما ودمجهما من إطار على إطار
بما بدى عليه كل إطار كونته سابقًا كرتين، وبمطابقة الإطارين المختلفين يندمجان
وكأنهما إطار واحد متطابق متلاحم يحمل ذات البادي والظاهر بعمق السماء بنفس
المقاييس والمواقع تمامًا.
أي من خلال إرجاع البصر كرتين ووضعهما في قالبين أو
إطارين مختلفين، يمكن رصد حركة المكونات البادية في السماء إذا كان بتوقيتات
مختلفة أو في ذات التوقيت في يومين مختلفين أو شهر أو سنة.. الخ.. فإذا طابقنا
الإطارين هذا أو ذاك سوف نجدهم أيضاً متطابقين في كل حال من الأحوال وكأنهما إطار
واحد فيكون خاسئًا وهو حسير.
خَاسِئًا
وَهُوَ حَسِيرٌ
هذا البادي في الإطار المندمج خاسئاً:
اختفى وخلا الإطار الأول في الثاني وكأنه ذاته بذات
المقاييس مضبوط ضبطاً تامًا بكل مكوناته المتفرقة وكأنهما إطارًا واحدًا فناتج الإطارين
من عناصر التكوين كل عنصر في الإطار الأول مع نده في الإطار الثاني فيعطي ذات
النسخة.
فيكون الإطارين بهما المراكز والمواقع التي توضع فيها
الأجزاء الظاهرة من السماء موضحًا عليها سنن الله في هذه المواقع ومواضعها
متطابقان تمامًا.
وفي حالة انضباط لكل مطابقة لأي إطارين يتم رصدهما رغم
أن كل منهما طار جديد غير الآخر ومهما بلغ مرات التأليف والمطابقة بين الأشياء
الظاهرة في كل إطار منهم ومهما تعددت الإطارات التي يتم تكوينها فهو حسير.
وَهُوَ
حَسِيرٌ
أي هو يحجز كل الإطار الثاني ويحلق به فحواه وحاز كل عمق
في هذا الإطار وكل مقياس وعنصر فيكون الإطار الخارجي يحل على الأول فيكون أكثر
وضوحاً في انتساب كل عنصر للإطار الداخلي فيرتبط كل عنصر بالآخر ويكون الإطار
الأول ظاهراً يقي ويخفي الإطار الثاني فيعطي نسخة موصولة ومضمومة ومجموعة لبعضها
البعض.
الخلاصة
أنه برصد جميع عناصر في أعماق السماء من نجوم وكواكب.. الخ.. كتكوين بذات مواقعها في إطار ثم رصدها مرة
ثانية بكل تكويناتها التي سبق وأن رصدناها في وقت لاحق أو أيام أخرى أياً كانت
موعدها ثم وضعنا إطار فوق إطار سوف نكتشف أنهما متطابقان تماماً، وأن كل عنصر من
عناصر الإطار الأول أخفى ذات العنصر على الإطار الثاني وتطابقًا تمامًا كأنهما
نسخة واحدة وحجز كل عنصر في الإطار الأول ذات العنصر في الإطار الثاني وحل عليه
وارتبطا ببعضهما وخفاه وأصبحا بضمهما وجمعهما كأنهما نسخة واحدة.
تعليقات
إرسال تعليق